مصر ونيلها في خطر
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مصر ونيلها في خطر
تعد مقولة "مصر هبة النيل" أحد المبادئ الحاكمة لحركة الدولة المصرية من أجل تأمين حدودها الجنوبية. فإذا كانت النقوش الموجودة على جدران معبد الدير البحري تؤكد على عمق الروابط بين مصر الفرعونية ومنطقة أعالي النيل فإن محمد علي باشا مؤسس الدولة الحديثة حاول بذل ما في وسعه لضم مناطق النيل الأبيض بما في ذلك بحيرة فيكتوريا بحيث تصبح جزءا من حدود مصر الجنوبية.
وقد ازدادت حساسية وتعقد القضية المائية لمصر بعد تأسيس الدولة العبرية عام 1948 حيث إنها تبنت أيديولوجية الحركة الصهيونية الرامية إلى ضم كل من نهري النيل والفرات إلى حدودها. وأحسب أن مشروع "ترعة السلام" الذي اقترحه الرئيس أنور السادات لتوصيل مياه النيل إلى صحراء النقب يعكس هذا التوجه التوسعي لمفهوم "إسرائيل الكبرى".
" تحولت موارد مثل النفط والمياه من كونها نعمة وهبها الخالق للإنسان ليساعده بها في إعمار الأرض لتصبح نقمة ووسيلة من وسائل نشر الصراعات العنيفة والفقر والتخلف في مناطق وجودها " |
أضحت قضية مياه النيل إذن موضوعا لتجاذبات السياسة وتعقيداتها، بل وتحدث البعض عن حروب المياه القادمة في المنطقة. وذهب نفر آخر من الكتاب يتحدث عن الصراع حول توزيع مياه نهر النيل في إطار مفهوم "لعنة" الموارد الطبيعية في أفريقيا.
فقد تحولت موارد مثل النفط والمياه من كونها نعمة وهبها الخالق للإنسان ليساعده بها في إعمار الأرض لتصبح نقمة ووسيلة من وسائل نشر الصراعات العنيفة والفقر والتخلف في مناطق وجودها. فأين نهر النيل من كل ذلك؟
مصر ونيلها في خطر
يلاحظ المتابع للتفكير الإستراتيجي المصري الحديث، رغم التطورات الفارقة التي شهدها على مدى العقود الثلاثة الماضية، أنه ينظر إلى مسألة المياه باعتبارها قضية مصيرية وترتبط بالأمن القومي المصري في صياغته المباشرة. وهكذا فإن عبارات مثل "النيل خط أحمر" وعدم التفريط في قطرة واحدة من مياه النيل لا تزال تهيمن على الخطاب المصري العام فيما يتعلق بنهر النيل.
يلاحظ المتابع للتفكير الإستراتيجي المصري الحديث، رغم التطورات الفارقة التي شهدها على مدى العقود الثلاثة الماضية، أنه ينظر إلى مسألة المياه باعتبارها قضية مصيرية وترتبط بالأمن القومي المصري في صياغته المباشرة. وهكذا فإن عبارات مثل "النيل خط أحمر" وعدم التفريط في قطرة واحدة من مياه النيل لا تزال تهيمن على الخطاب المصري العام فيما يتعلق بنهر النيل.
ولعل ذلك الإدراك المصري يفسر لنا إخفاق اجتماع شرم الشيخ لوزراء مياه دول حوض النيل الذي عقد في 14/4/2010 في الوصول بمبادرة حوض النيل إلى غايتها. فقد فشل الاجتماع في التوقيع على اتفاقية التعاون الإطاري التي بدأ التفاوض على بنودها منذ العام 1999. لقد اصطدمت العملية التفاوضية منذ ذلك الحين بموقف مصري، وإلى حد ما سوداني، لا هوادة فيه يؤكد على الحقوق التاريخية لدولتي المصب.
ويمكن القول إجمالا إن السبب الرئيس لفشل اجتماع شرم الشيخ إنما يرجع إلى رفض مصر تخفيض حصتها المائية المقدرة عند أسوان بنحو (55.5) مليار متر مكعب سنويا. وقد تمترس المفاوض المصري دوما حول ثلاثة مبادئ حاكمة غير قابلة للتنازل، وهي: أولا التمسك بحقوق مصر المكتسبة في مياه النيل، وثانيا ضرورة موافقة مصر المسبقة على أي مشروعات مسبقة تقام في حوض النيل، وثالثا حصول مصر على حق الفيتو في أي تجمع مائي يضم دول حوض النهر العشر.
وعادة يستند الموقف المصري على النظام القانوني لنهر النيل والموروث عن العهد الاستعماري باعتباره لا يزال ساري المفعول والتأثير وفقا لقاعدة التوارث الدولي. وعليه فإن كلا من مصر والسودان يرفعان تلك القاعدة ويطالبان بضرورة التمسك باتفاقية عام 1929 التي وقعتها مصر مع بريطانيا العظمى واتفاقية العام 1959 بين مصر والسودان حيث إنهما يوفران الأساس القانوني لحصول مصر على النصيب الأوفر من مياه النيل فضلا عن اشتراط حصول أوغندا وبقية دول المنبع على موافقة مصر المسبقة على أي مشروعات خاصة باستخدام مياه النيل.
" مكمن الخطورة في الأزمة الراهنة لنهر النيل تتمثل في أن مصر وبقية دول الحوض تتجه إلى مرحلة تتسم بشح المياه, فمصر تكاد تعتمد اعتمادا كليا على مياه النيل, كما أن بقية دول حوض النيل تواجه نفس التحديات المائية " |
ومن اللافت للانتباه حقا أن بقية دول حوض النيل تواجه نفس التحديات المائية التي تواجهها مصر وإن اختلفت الدرجة. فهي تعاني من نقص المياه وتدهور التربة وارتفاع معدلات التلوث. وكلما استمرت معدلات الزيادة السكانية في دول حوض النيل على ارتفاعها استمر الضغط على مياه النيل.
وعلى سبيل المثال، تواجه أوغندا التي شهدت انخفاض مستويات المياه في بحيرة فيكتوريا في السنوات الماضية معضلة كبرى في كيفية تحقيق الأمن المائي لملايين السكان الذين يعتمدون على مياه النيل.
ثنائية حدية في المواقف
ويلاحظ أن جهود التعاون المائي بين دول حوض النيل في مرحلة ما بعد الاستعمار قد اتسمت بالجزئية وعدم الشمول، وربما انطوت على رؤى سياسية واسعة مثل تجمع "الأندوجو" عام 1983 الذي ضم في عضويته جمهورية أفريقيا الوسطى وهى لا تنتمي إلى حوض النيل في حين قاطعته إثيوبيا.
ويلاحظ أن جهود التعاون المائي بين دول حوض النيل في مرحلة ما بعد الاستعمار قد اتسمت بالجزئية وعدم الشمول، وربما انطوت على رؤى سياسية واسعة مثل تجمع "الأندوجو" عام 1983 الذي ضم في عضويته جمهورية أفريقيا الوسطى وهى لا تنتمي إلى حوض النيل في حين قاطعته إثيوبيا.
وعليه مثل التوقيع على مبادرة حوض النيل عام 1999 نقطة تحول كبرى في تاريخ التعاون المشترك بين دول حوض النيل. إذ لأول مرة يحدث توافق عام بين الدول النهرية (باستثناء إريتريا) وهي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية إضافة لدولتي المصب مصر والسودان، وذلك من أجل الوصول إلى اتفاق جديد للتعاون الإطاري بين هذه الدول.
وقد أظهرت المفاوضات الخاصة بمبادرة حوض النيل على مدى السنوات العشر الماضية وجود ثنائية حادة بين دول النهر، بحيث أصبحنا أمام فريقين، أولهما يضم دول المنبع السبع والثاني يضم دولتي المصب مصر والسودان.
" أظهرت المفاوضات الخاصة بمبادرة حوض النيل على مدى السنوات العشر الماضية وجود ثنائية حادة بين دول النهر بحيث أصبحنا أمام فريقين أولهما يضم دول المنبع السبع والثاني يضم دولتي المصب مصر والسودان " |
عندئذ واجهت مصر موقفا عصيبا يتمثل في تكتل دول حوض النيل السبع مجتمعة وراء موقف موحد يخالف الموقف المصري والسوداني، ولم تفلح الجهود التفاوضية في إحداث أي اختراق لموقف الطرفين، وهو ما أدى إلى فشل اجتماع الفرصة الأخيرة في شرم الشيخ.
السيناريوهات المتوقعة
أحسب أن الموقف الراهن بين دول حوض النيل ينذر بعواقب وخيمة على مسيرة التعاون المشترك بين الدول النهرية، وهو ما يؤثر يقينا على جهود تحقيق السلام والتنمية في المنطقة. ويمكن تصور سيناريوهات ثلاثة لمسارات الأزمة المائية الراهنة في حوض النيل:
أحسب أن الموقف الراهن بين دول حوض النيل ينذر بعواقب وخيمة على مسيرة التعاون المشترك بين الدول النهرية، وهو ما يؤثر يقينا على جهود تحقيق السلام والتنمية في المنطقة. ويمكن تصور سيناريوهات ثلاثة لمسارات الأزمة المائية الراهنة في حوض النيل:
السيناريو الأول: ويشير إلى استمرار حالة الثنائية والانقسام الراهنة بين دول المنبع من جهة ودولتي المصب من جهة أخرى، وعليه يمكن للدول السبع أن تبدأ منفردة في التوقيع على اتفاقية التعاون الإطاري ابتداء من 14/5/2010 لتدخل بعد ذلك في إجراءات التصديق عليها. ولا شك أن مثل هذا التطور إن تحقق سوف يخلق حالة فوضوية وكارثية تؤثر يقينا على الاستغلال المشترك لحوض النيل وتقلل من فرص التعاون والتنمية لموارد النهر.
السيناريو الثاني: ويتمثل في إمكانية العودة للوراء بحيث تضيع جهود التعاون المشترك، بما في ذلك خبرة عشر سنوات من التعاون في ظل مبادرة حوض النيل الحالية.
فمن الملاحظ أن هذه المبادرة شهدت تحولا واضحا في الموقفين المصري والإثيوبي، ولا سيما فيما يتعلق بالنظر إلي مياه النيل باعتبارها ملكية مشتركة تعود بالنفع على جميع الدول المشاطئة له. ولعل خطورة هذا السيناريو إن تحقق تتمثل في العودة بالأوضاع إلى المربع الأول بما يعنيه من ضياع الفرصة نحو دعم جهود التعاون والتنمية في حوض النيل.
" أي حرب تختارها مصر في الدفاع عن أمنها المائي؟ أهي الحرب في ساحة النزال والوغى؟ أم تكون الحرب المقبلة لمصر في ساحة الدبلوماسية والتأكيد على عناصر قوتها الناعمة؟ " |
ما السبيل إذن؟ باعتقادي أن التفكير السائد الخاص بحرب المياه أو القول باستعداد مصر للدخول في حرب مقبلة إن تأثرت حصتها التاريخية من مياه النهر ولو قيد أنملة إنما هو أمر يتسم بعدم الحكمة وعدم الواقعية في آن واحد، بل إنه يسهم في تعقيد الأمور التي تعاني أصلا من التعقيد البالغ. وربما يكون من الملائم لمصر أن تستخدم أدوات قوتها الناعمة المتعددة لكسب عقول وقلوب أبناء النيل، ومن ثم تطرح لهم شيئا مقابل المياه.
عادل17- مراقب
- عدد المشاركات : 64
نقاط التميز : 26840
تاريخ التسجيل : 19/04/2010
رد: مصر ونيلها في خطر
رأي استاذ عادل ان مصر تاخذ خيار القوة
والقوة هنا مش معناها الحرب
لكن يجب علي مصر ان ترسل رسالة واضحة وصريحة الي دول المنبع
بأن اي خرق للمعاهدات والاتفاقيات بحق نهر النيل
هو بمثابة اعتداء علي مصر وامنها القومي المشروع
لأن سياسة الهدوء والطبطبة علي الدول دي.... مش هينفع معاها نتيجة
ربنا يقويكي يا بلدي علي كل ما يهددك
تسلم يادكتور عادل علي الموضوع الهام
اكيد لي رجعة
تحياتي لك
والقوة هنا مش معناها الحرب
لكن يجب علي مصر ان ترسل رسالة واضحة وصريحة الي دول المنبع
بأن اي خرق للمعاهدات والاتفاقيات بحق نهر النيل
هو بمثابة اعتداء علي مصر وامنها القومي المشروع
لأن سياسة الهدوء والطبطبة علي الدول دي.... مش هينفع معاها نتيجة
ربنا يقويكي يا بلدي علي كل ما يهددك
تسلم يادكتور عادل علي الموضوع الهام
اكيد لي رجعة
تحياتي لك
TaMeR_MaVeRiCk- مراقب
- عدد المشاركات : 27
نقاط التميز : 26240
تاريخ التسجيل : 17/04/2010
رد: مصر ونيلها في خطر
أخى الحبيب
د / عـــــــــــــــادل
شكراً لك على المتابعة الرائعة والمتميزة
أرى أن تكون الحرب المقبلة لمصر بهذا الشأن
في ساحة الدبلوماسية والتأكيد على عناصر قوتها الناعمة
ولكن من غير طبطبة دون التفريط فى حقوقها
مع شيئ من الحزم وعدم التراخى
لأن الماء هو شريان الحياة
ومن يفرط فيها فلا عيش له
ونسأل الله أن تمر تلك الأزمة بخير وسلام ،،،،،
عاطر تحياتى وخالص مودتى
د / عـــــــــــــــادل
شكراً لك على المتابعة الرائعة والمتميزة
أرى أن تكون الحرب المقبلة لمصر بهذا الشأن
في ساحة الدبلوماسية والتأكيد على عناصر قوتها الناعمة
ولكن من غير طبطبة دون التفريط فى حقوقها
مع شيئ من الحزم وعدم التراخى
لأن الماء هو شريان الحياة
ومن يفرط فيها فلا عيش له
ونسأل الله أن تمر تلك الأزمة بخير وسلام ،،،،،
عاطر تحياتى وخالص مودتى
سامى عيسى- مشرف عام
- عدد المشاركات : 461
نقاط التميز : 32533
تاريخ التسجيل : 19/04/2010
العمر : 74
رد: مصر ونيلها في خطر
طيب كويس وأعتقد بأن كل هذه المحاولات وراءها أمريكا للضغط علي مصر لتحويل المياه لإسرائيل وهذا حقيقي وليس إعتقاد
جمال القناص- مشرف
- عدد المشاركات : 113
نقاط التميز : 26654
تاريخ التسجيل : 22/04/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى